ما الذي يعكر صفو الكاتب أكثر من مزاجية الكتابة نفسها؟
احتجت لمشاهدة فيلمين أحدهما عن البحث عن الذات. ومراجعة صوتية لكتاب، وجلسة صوتية أخرى من حساب Paper Samwich ... بالإضافة إلى قراءتي لمراجعات حسين الضو حتى أكون في المزاج المناسب، ويصفو ذهني، وأتمكن من الحديث عن هذه اللوحة. ليس كله بفعل تأثيرها، ولكن هي المزاجية.
اختار مصممو ملصق فيلم Midnight in Paris السماء لتكون شبيهة بالسماء التي رسمها ڤان في لوحة ليلة النجوم. لم تكن محض صدفة عابرة، ومتأكدة من وجود مغزى!لربما كان البعد الثقافي والتنقل عبر الأزمنة الذي تميز به الفليم هو الدافع وراء ذلك، وقد تكون سماء ڤان غوخ هي أروع لوحة لتجسيد نجوم الليل بالرغم من أنه استلهم الفكرة وهو مُطل من نافذةِ المصحة، والتي أعتقد أنها كانت صغيرة كفاية لتدع خيال ڤان يكمل بقية الصورة. الأصفر كان اللون الطاغي في أغلب لوحاته، بل في حياته.
يُذكر أنه سكن في منزلٍ أصفر وسط قرية آرل بجنوب فرنسا والعجيب في أن استخدامه مخالف للتصوّر الذي يعطيه اللون؛ فالأصفر يصوّر الإشراقة، وفي لوحاته كان يجسد الحزن المضني! مثل لوحة عباد الشمس والتي توحي بانكسار وأسى عباد الشمس. ربما تكون الصورة التي تكونت في ذهن ڤان غوخ قبل عشرين سنة وهو واقف أمام باب مدرسته الداخلية، مودعا عائلته والتي تمثل بالنسبة له مصدر السعادة الوحيد في سيارة صفراء؛ ليكون بذلك أول شعور له بالهجر والغربة... فلربما هذه الصورة الباقية في ذاكرته كانت هي سبب انعكاسها على لوحاته. ولطالما جسّد في رسوماته حقيقة منتهية تتأرجح بين الفقر والألم، حتى في إشراقات الشمس على حقول الذرة الذهبية لا بد من وجود الفلاح المنهك الذي أضناه العتب، على الرغم من أنه ابن الطبقة المتوسطة... لكن نهجه في الرسم يعتمد على تصوير الحياة الواقيعة للفلاحين وعمّال مناجم الفحم، أثناء تنقلاته بين فرنسا وبلجيكا مجسدا آلام أبناء الطبقة الكادحة، كما في لوحة آكلي البطاطا الشهيرة.
أظن أن لو كان ڤان غوخ بيننا الآن لتفق معي في مدى عمق هذه اللوحة. كان النظر إليها يُعبر عن الدهشة من النظرة الأولى. تمثلت اللوحة في تجسيد الفنان وأشهر لوحاته "ليلة النجوم" كخلفية، وڤان غوخ يتقدمها ويظهر وكأنه يرسم نفسه. هو بالفعل رسم نفسه في كثير من لوحاته، جمعها مؤرخو الفن بشكل زمني متسلسل ليدرسوا التغيير الذي طرأ عليه وهو يصور ذاته في أكثر من مرة. يقول الكاتب بان موا: "إن المثير في رسمه لنفسه هو تصوير الموت وهو يطرأ عليه ويملأ لوحاته. ليس من السهل أن نتحدث عن أنفسنا ولكن ڤان تحدث عن نفسه عن طريق رسمها"
آخر أعمال ڨان غوخ قبل انتحاره كانت لوحة حقل القمح والسماء الزرقاء التي تتحول إلى عتمة سوداء.. وغربان أشبه بنذير شؤم وأجل قريب.
لوحة ليلة النجوم
![]() |
Midnight in Paris poster (تظهر السماء شبيه بسماء ليلة النجوم) |
![]() |
لوحة اكلوا البطاطا |
![]() |
لوحة استراحة الفلاح وزوجته |
![]() |
لوحة عباد الشمس |
حبيت وصفك للقصة وراء ملصق الفلم ، ما كنت اعرف قبل بالرغم من حبي الكبير للفلم هذا بالذات عن باريس و عن الأدب و عن الكُتّاب ، اغبط الكاتب لو فعلاً حصل و سافر بالزمن للماضي وقابل كبار الكتاب 😃!
ردحذفمن اروع الحاجات بالفلم : "المقدمة" كانت عباره عن موسيقى ومناظر من شوارع باريس ..
وكأن باريس تغني للجمال للحب للناس
ابدع Woody Allen في الإخراج
بالفعل الفلم كان عبارة عن تنقلات تاريخية أدبية مدهشة...
ردحذفأحببت تفاصيله لذلك ذكرتها هنا.