ملخص كتاب (هكذا ربانا جدي علي
الطنطاوي)
لعابدة المؤيد العظيم
عَرف
الناس الشيخ علي الطنطاوي فقيهاً، وأدبياً، وكاتباً، وخطيباً لكن ما قدمته حفيدتهُ
عابدة العظيم في هذا الكتاب هو وجه آخر للشيخ الموجّه والمربي، فبعد أن نشرت جوانب
من تعاملاته في الحياة في حلقات من مجلة "المجتمع" الكويتية، حرصت على
جمع كل الحلقات في كتاب يَسهلُ اقتنائه وقراءة مُجمله.
أُسُتهِلَ
الكتاب بتقديم عما لا يعرفه الناس عن علي الطنطاوي، والخصال التي تميز بها الشيخ
مثل أسلوبه المميز في القراءة والكتابة، وكيف يقضي جُلَّ وقتهِ فيهما وجوانب أخرى
في شخصيته و تعاملاته.
و
مما لاشك فيه أنه ترك تجربة تربويه فريدة في نفوس أبناءه و أحفاده، و إلا لم نكن
لنقرأ هذا الكتاب عن أساليبهِ التربوية. ومن الملامح التي نستعرضها في شخصية هذا
المربي الناجح تواضعه فلطالما كان المربي المتواضع، فإن تواضع المربي وتقبله للنقد
وتأدب الأبناء في ذلك، يسهم في بناء أسرة متينة قوية لا تفرقها الصعاب ولا تهزاها
النوائب، وهذا نهج شيخنا علي الطنطاوي فكان عادة ما يحوّل جلسات العائلة إلى جلسات
مفيدة مثمرة بأساليب شيّقة.
وأما أسلوب التربية الذي كان يتبعه فهو التربية بالحب
والعاطفة وضبط الأسرة بالمحبة والمودة، فهذا يُسهِّل التعامل مع الأولاد فيكون أمر
المربي مُطاع أما أسلوب التربية بالقوة والشدة ايضاً مُطاع و لكن دون رضا، كما أن
المربي القوي اليوم ضعيفٌ بالغد حين يكون أحوج للعناية والرعاية والحب فمن أراد
العناية والحب في الكبر فليقدم المحبة والاهتمام لأولاده أولا.
ومن أساليب التربية و التوجيه مراقبة تصرفات
الصغار فذلك يمنحهم ثقة بأن أهلهم على اطلاع دائم فتقل تصرفاتهم السيئة، من ثم
قضاء الأوقات الممتعة مع الصغار و لتجعلوها ذكرى مميزة في أذهانهم، ثم استثمروا
هذه اللحظات لتوجيههم كيفما تشاؤون و غرس المبادئ والقيم في نفوسهم و الأهم أن
تكونوا صادقين معهم.
ومن
المهم أن يكون المربي مثقف فالشيخ علي الطنطاوي أهتم بعلم النفس و قرأ فيه فكان
يراقب أحفاده و يتعرف إليهم و على اهتماماتهم وفيما يحبون أن يقضوا أوقاتهم وبعدها
يركز على نواحي الأحفاد الجيدة و يثني عليها و ينبذ النواحي السيئة و بالرفق و
اللين يهذبهم. وبما أن الأطفال سرعان ما تمل نفوسهم ولا يستمرون في الأشياء الجيدة
كان لازما أن يرافق التربية أسلوب التشجيع فابتكر الشيخ (خزانة المكافآت) خزانة
يملها بالحلوى و النقود و كل مَن يستحق الثواب نال منها أطيب الأطايب و كان الشيخ
يوصي بناته بشراء التفاريح (كل ما يُدخِل السرور في نفوس الأطفال مثل الحلوى و
الألعاب)، كما ابتكر الشيخ شهادات التقدير ينالها كل مَن كان له إنجاز يستحق عليه التكريم،
ولكم أن تبتكروا أسالبيكم الخاصة في تشجيع الأبناء وتحفيزهم على فعل الأشياء
الجيدة و ترك السيئة.
وأما
استخدام أساليب الثواب بدل العقاب فأنه يأتي بنتائج مثمرة دوماً ويُنمي حس
المراقبة الذاتية لدى صغارنا فلا نخاف عليهم في غيابنا، فلا يمكن أن تكون التربية
دائماً بالتهديد والوعيد. ولكن هل يجوز استخدام العقاب؟ نعم! فعقاب مرة بطريقة
صحيحة خير من عشر نصائح بطريقة خاطئة.
أما
البِّر فهو (نهج حياة) فكان الشيخ يُكلِّف أحفاده بالقيام بالأعمال التي يطيقون
ولا يُكلِّف أمهاتهم بها، فكانوا يعتمدون على الساعة في الاستيقاظ، ويعدون
شطائرهم،ويكوون ملابسهم بأنفسهم.
و
أن كنا نريد من أولادنا الرضا و التقبل يجب أن نحاورهم في بعض الأحيان، ونستخدم
أسلوب الإقناع، ولا ننسى أن العدل في المعاملة و العطاء صفتان ضروريتان للمربي، واتصف
بهما الشيخ فكان لا يُفرِّق بين الأولاد ولا يُفضل أحدهم على الآخر، وبذلك تقل
النزاعات فيما بينهم ولكن هناك حد فعلى المربي أن يتدخل بين الأولاد أن حصل نزاع
بقرار حاسم.
ومن
القواعد المهمة في أساليب التربية الحرص على تكوين شخصيات متزنة و تنمية مهارات
جيدة لدى الأولاد، وهذا ما كان يحرص عليه الشيخ علي الطنطاوي مع أحفاده فكان
يُكلِّف أحفاده بأعمال تعود عليهم بالنفع، مثل الإمامة في الصلاة وهم حديثو عهد
بالبلوغ، فحتى لو اخطأ الواحد لا يلومه و لا يقلل من شأنه، بل يشجعه في المرة
القادمة، كما علمهم القيام بحقوق الله و الجرأة في الحق ، بالإضافة إلى العناية
بالصحة و القوة من خلال المحافظة على ساعات نوم جيدة وأكل صحي، كما أهتم بميول
الصغار و مساعدتهم على تنمية قدراتهم الكامنة، فكان دائما ما يحفز على الإبداع، وصقل
المواهب وهو دائما إلى جانبهم، يساندهم و يعلمهم كيفية استثمار فرص النجاح التي لا
تتكرر كثيرا.
و
مما لاشك فيه أن تكوين الفضائل وردع الرذائل من أساسيات تربية الصغار، فتعليمهم
مبادئ الأخلاق والآداب الإسلامية والاجتماعية أساس تُبنَى عليه شخصية الطفل، فأهتم
الشيخ بتعليم الإيثار في الطعام، واحترام المواعيد، والحرص على غرس قيمة الأشياء، والاعتناء
بالممتلكات الخاصة والعامة، والحفاظ على النعمة، وكان أسلوب الشيخ متميز فكان
يلقنهم المبادئ ثم يبتكر موقفاً لطيفاً يختبر فيه مدى استيعابهم للمبدأ.
أما
في الجانب المعرفي فهو لا يقل أهمية عند الشيخ عن الجوانب الأخرى، فأهتم بالحديث
عن المواضيع المفيدة في الجلسات العائلية، ومن خلالها كان يحث الأبناء إلى مراجعة
الكتب للاستزادة في بعض المسائل، وعلمهم أن القراءة فن وغذاء للعقول وأصولها:
· قراءة
العنوان جيداً.
· الانتباه
إلى اسم المؤلف فلا نقرأ لأي كان.
· قراءة
المقدمة ففيها يُبين الكاتب الغرض من الكتاب.
· استعراض
الفهرس ففيه محتوى الكتاب.
· و
أخيراً قراءة الخاتمة بعمق لأن فيها ملخص الموضوع.
و
في الختام أهدت المؤلفة عابدة العظيم جُملة من الوصايا إلى كل مربي أهم ما فيها:
·
في التربية لا
تسأموا ولا تملوا ولا تقولوا لا فائدة بل داوموا و ثابروا.
·
التربية
توجيهات و تنبيهات.
و الحمد لله ربِّ العالمين، و صلى
الله على سيدنا محمد و على آله وصحبه وسلم.