السبت، 28 يناير 2017

لا تقولي إنكِ خائفة





مراجعة رواية (لا تقولي إنكِ خائفة)

جوِزبِّه كاتوتسيلا

رواية "لا تقولي إنك خائفة" للكاتب الإيطالي "جوِزبِّه كاتوتسيلا" عن سيرة العداءة الصومالية "سامية يوسف". رواية تكشف لنا مدى العناء والشقاء اللذين يواجهان أي إنسان يولد بالأمل والطموح، في بلد وقع في فخ الانقسامات السياسية والحروب المدمرة. 
من المعروف عن السِّير الذاتية أنها من أصعب الروايات؛ حيث تتطلب جهدًا جهيدًا من الراوي في البحث والتقصي حول الأحداث اليومية التي تمر بها الشخصية. لكن ما كتبه "جوِزبِّه" كان في منتهى السلاسة والعذوبة، كما تمتع أسلوبه بالدقة أيضاً. فقد تناول سيرة العداءة "سامية" كما هي بنظرة واقعية، ومليئة بالأمل. عشنا تفاصيلها، مشينا في أزقة مقديشو. 
عَدونا مع "سامية" في شوارعها، وشممنا هواء محيطها، ولمسنا رمالها الناعمة البيضاء.. وهذا يحسب للكاتب؛ فقد أبلغ في الوصف، وأبدع في الصياغة.
 تأتي الرواية فيما يقارب 260 صفحة. يأخذنا فيها الإيطالي "جوزِبِّه" بلسان "سامية" وبصيغة الأنا، في رحلتها وحُلمها بأن تكون أسرع عداءة صومالية، واجهت خلالها شظف العيش وقسوة الحياة كأمواج المحيط الهندي الثائرة، صامدة أمام انقسامات بلادها وكبت "جماعة الشباب" الذين سلبوا حرية البلاد وتمردوا باسم الدين. ولدت "سامية" عام 1991 وولدت قبلها شقيقتها الكبرى/ الحرب.. ناثرة رماد البنادق في الهواء، ومُعكِّرة صفو المحيط. لكن بإصرارها وإرادتها ومساعدة صديقها "عليّ" تمكنت من بلوغ أولمبياد بكين عام 2008 وهي تبلغ السابعة عشر كأصغر عداءة في سباق المئتي متر، وذلك بدون مدرب رسمي أو دعم حكومي. فقد حصلت على دعم من رجل عظيم.. دعم والدها لها، الذي دائما ما يردد على مسامع فتاته الصغيرة: "لا تقولي إنك خائفة، وإلا تعاظم خوفك حتى هزمك" وبذلك واصلت نجاحها واستمرت في التدريب بالرغم من صعوبات الحياة. فماذا يحصل معها في رحلتها لبلوغ أولمبياد لندن 2012 ؟؟؟؟ طرقت هذه الرواية الكثير من الأبواب، كما أثارت الكثير من التساؤلات التي صمت عنها السياسيون، وغضَّ البصر عنها الإعلاميون، وفتحت ملفًا شائكًا ومهمًّا/ ملف الهجرات غير الشرعية! واستغلال ضحايا الحرب! والملف الأكثر تعقيدا: طرق الاستنفاع المادي من ورائهم! ومصير كل من يبحث عن رغد العيش الآمن! لم يكن إنهاء الرواية بالأمر الهيِّن؛ فقد أثارت الأوجاع، وأدمعت العيون! أستطيع أن أقول: إنها الرواية التي تنهيها؛ فتُنير الجزء المظلم في حياتك!! تربط أفكارك المتناثرة.. فتحلق بجناحيك بعد أن أعدت بناء ذاتك، وترتيب أولوياتك. كان ينبغي لقصة سامية أن لا تعبر عبور الغيم! لم تكن قصة كفاح عادية.. كان ينبغي لها أن تُكتب، وتُقرأ، وتتناقلها الأجيال. 
الخبر السار أنهم يعدون لفيلم سينمائي لها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق